فصل: الركن الثالث: اليمين والنظر في الحلف، والمحلوف عليه، والحالف، والحكم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة



.الطرف الثالث: في البضع:

وإذا رجع الشاهدان بعد الشهادة على الطلاق وبعد القضاء نفذ الطلاق، ولا غرم عليهما إن كانت مدخولاً بها، لأنهما إنما أتلفا وفوتا عليه بشهادتهما منافع بضع، وذلك ما يتقوم. وإن كانا شهد أنه تزوج بامرأة ثم طلقها قبل الدخول، فقال، ابن القاسم: يغرمان نصف الصداق. قال: وكذلك لو شهد على دخوله بزوجة عنده مع إقراره بالطلاق وإنكار الدخول، لغرما النصف، أيضًا، إذا رجعا.
وقال أشهب وابن عبد الحكم: إذا شهدا عليه بالطلاق قبل الدخول فلا غرم عليهما بحال.
وسبب الخلاف: النظر إلى أصلين: أحدهما هل منافع البضع مما يتقوم أم لا؟. والأصل الآخر هل الصداق كله يثبت بالعقد، أو كله مترقب؟، فابن القاسم بنى على أن الصداق كله مترقب لجواز أن ترتد المرأة قبل الدخول فيسقط جملة، وقد ألزمه الشهود بشهادتهم، على هذا القول، مال لم يكن لزمه وحالوا بينه وبين الزوجة، فصاروا كمن ألزمه الثمن وحال بينه وبين المثمن. وبنى أشهب وابن الحكم على أن منافع البضع مما لا يتقوم، وأن الصداق كله واجب بالعقد، والشهود إنما يغرمون ما أتلفوه بشهادتهم، وإنما حالوا بينه وبين ما اشتراه بالصداق من منافع البضع وذلك مما يتقوم، وصار ذلك كمن شهد على مستحق لقصاص أنه عفا، فإنه لا يغرم شيئا لأنه إنما فوت بشهادته استحقاق دم، وذلك مما لا يتقوم.
ولو شهد بطلاق زوجة ثابت نكاحها بشهادة غيرهما، وشهد آخران بأن الزوج دخل بها، ولا يعلم شاهدا الطلاق هل أوقعه قبل البناء أو بعده، وكذلك الشاهدان الآخران لا يعلمان أنه طلق، فإن شاهدي الطلاق إن رجعا لا غرامة عليهما على مذهب الجماعة أشهب وعبد الملك ومحمد وغيرهم. وذكر ابن سحنون أن أصحابنا على هذا المذهب وإن بعض الرواة خالف فيه، قال: وأكثر الرواة على خلافه. ولو رجع الشاهدان بالدخول لغرما نصف الصداق، بينهما نصفين، لأنه الثابت بشهادتهما. وإن رجع أحدهما غرم ربع جميع الصداق.
فروع:
الفرع الأول: إن الشاهدين بالدخول إذا غرما نصف الصداق لرجوعهما ثم ماتت الزوجة قبل الدخول استرجعاه، لاعتقاد الزوج أنها ماتت في عصمته لأنه منكر للطلاق.
الفرع الثاني:
إذا شهد شاهدان على الزوج أنه طلق قبل البناء فقضي عليه بنصف الصداق على قول ابن القاسم، ثم مات الزوج فرجع الشاهدان عن شهادتهما فإنهما يغرمان للمرأة ما حرماها من ميراثه وما أسقطا من صداقها. ولو كان إنما ماتت هي لرجع الزوج عليهما بميراثه فقط لا شيء مما غرم من الصداق. وهذا الجواب إذا كان كل واحد من الزوجين منكرًا ما شهد به الطلاق.
الفرع الثالث:
إذا شهدا بطلاق أمة من زوجها ففرق القاضي بينهما بشهادتهما، ثم جاء شاهدان آخران فشهدا بأن الأولين مزوران، إما لعلمهما بغيبتهما عن البلد الذي فيه الزوجان أو لغير ذلك، ثم رجع الشاهدان المكذبان غرما للسيد ما نقص من ثمنها بما ألصقا بها من عيب الزوج فتبقى معه، ويغرمان للسيد ما بين قيمتها ذات زوج وخالية من زوج.
الفرع الرابع:
إذا شهدا على امرأة أنها اختلعت من زوجها بمال، وهي تنكر ذلك وتذكر أنه طلقها من غير عوض، فإذا غرمت بشهادتهما ثم رجعا غرمًا لها ما غرمت للزوج.
الفرع الخامس: وهو مرتب على الرابع: لو كان الخلع المشهود به على ثمرة لم يبد صلاحها فقضي بذلك للزوج، ثم رجعا، فقال عبد الملك: عليهما قيمة الثمرة على الرجاء والخوف، قياسًا على من أتلف الثمرة قبل زهوها. وذهب محمد إلى أنها لا ترجع عليهما بشيء حتى يجد الزوج الثمرة ويقبضها، فيطالب الشاهدان حينئذ بالغرامة.
وإن كان الخلع بعبد آبق أو بعير شارد، فقال عبد الملك: يغرمان قيمة الآبق والشارد على أقر صفاتهما. فإن ظهر بعد ذلك أنهما كانا معيين عند الخلع استردا مما غرماه ما يقابل العيب. وعلى قول محمد إذا كان حصول الآبق أمرًا قريبًا أخذت الغرامة إلى حصوله حسبما قاله في الثمرة، وإن كان بعيدًا غرم الشاهدان قيمته على الصفة التي أبق عليها. ثم رجع محمد فقال: لا غرامة على الشاهدين في هذا ولا في الجنين، إذا وقع الخلع به، ورجع الشاهدان، إلا بعد خروج اجنين وقبضه، وبعد وجدان العبد الآبق والبعير الشارد وقبضهما، فيغرمان قيمة ذلك يومئذ، وقد كان قبل ذلك تالفًا. وكذلك الجنين وكذلك الثمرة قبل بدو صلاحها.
الفرع السادس: إذا شهد شاهدان على امرأة أن فلانًا تزوجها على مائة دينار، وصداق مثلها مائتان دينار، وهي تجحد، فقضى القاضي بذلك ودخل بها الزوج، ثم أقرأ أنهما شهدا بزور، فالنكاح ماض بالحكم وعليهما ما أتلفا عليهما من صداق مثلها. ولو كان صداق مثلها مائة دينار فأقل لم ترجع عليهما بشيء. وإن طلقها الزوج قبل البناء فإنها تسأل عما أنكرت، فإن ثبتت على أنه لم يكن نكاح قط فلا شيء لها، وإن قالت: قد كان نكاح وجحدته كراهية للزوج، فلها أخذ نصف الصداق منه كالمرأة تدعي أن زوجها طلقها ثلاثًا ولم تجد بينة فبقيت تحته حتى مات وصارت وارثة، فإنها إن تمادت على تلك الدعوى فلا ميراث لها، وإن قال: كنت كاذبة كراهية للزوج، كان لها الميراث. قال الشيخ أبو محمد: يريد وتحلف.

.الطرف الرابع: في العتق وما يتصل به:

وإذا شهد شاهدان على مالك لعبد أنه أعتقه عتقًا ناجزًا، والمال يجحد، فقضي عليه بعتقه بشهادتهما، ثم رجع الشاهدان، فإنهما يغرمان للسيد قيمة عبده، لأنهما منعاه من بيعه والانتفاع به، فصارا بذلك كالمانعين له بقتله، ويكون الولاء لسيده لأنهما معترفان بذلك، والسيد يستحق ماله على مقتضى إنكاره، فإن لم يكن له وارث أخذ السيد ماله على مقتضى قوله وقول الشاهدين. وإن كان العتق في أمه وهي تعلم أن الشاهدين مزوران فلا يحل لهما أن تبيح فرجها بالتزوج لأحد.
وإن كان الشهادة بأنه أعتقه إلى أجل فقضى عليه بذلك، ثم رجعا، غرما قيمته حالة، أيضًا، لا، المعتق إلى أجل امتنع فيه البيع، وهو من أعظم المقاصد في الأملاك، وقد حالا بين السيد وبينه، إلا أن السيد إذا أخذ قيمته وقد دخلت فيها قيمة خدمة العبد للسنة التي يعتق لانقضائها، فلا يجمع له بين أخذ الشيء وأخذ قيمته، والشاهدان يقولان: نحن نستحق منافع العبد إلى أجل عتقه لكون السيد أخذ منا قيمتها فيما أخذ، فيستحق الرجوع على السيد بمقدار ما أخذ منا من قيمة هذه المنافع التي أثبتناها حين شهادتنا في يده. فههنا وقع الخلاف في المذهب.
فذهب عبد الله بن عبد الحكم إلى أن هذه المنافع تقوم على غررها وتجويز أن يموت العبد قبل الأجل أو يعيش إليه فيخرج حرًا، فتحط القيمة على هذه الصفة من جملة القيمة التي يغرمانها، وتبقى منافع العبد لسيده على حسب ما كانت قبل أن يرجعا عن الشهادة.
قال محمد: وهذا الذي قاله ليس بمعتدل، لأنه قد تكون قيمة هذه المنافع أوفى من قيمة رقبته فيكون الشاهدان أتلفا عليه العبد ثم لا يغرمان شيئا.
قال الإمام أبو عبد الله: وهذا الذي قاله محمد صحيح من جهة الفقه لو أمكن تصوره، ولكنه كالممتنع من جهة العادة لأنه إذا حكم بقيمة الرقبة التي تباع بها ويبقى العبد مملوكًا طول أيام حياته فقد علم قطعًا أن قيمة المنافع المؤجلة قد دخلت في هذا التقويم فلا يصح أن تكون أكثر منه.
ورأى سحنون أن تسلم منافع العبد إليهما إلى أن ينقضي الأجل يؤاجران العبد أو يستخدمانه ويحسب ذلك عليهما حتى يستوفيا ما غرما، وما بقي من منافع المدة فللسيد. وإن لم تف منافع المدة بما غرما لم يرجعا بشيء مما بقي على أحد. وكذلك لو مات في أضعاف المدة أو بعد فراغها ولم يستوفيا لم يرجعا بشيء، إلا أن يترك مالاً فيأخذا منه مقدار ما غرماه أو بقي منه بعدما قبضًا في حياته. وكذلك لو قتل لم يكن لهما شيء إلا أن تؤخذ قيمته من قاتله فيأخذا منها، لأن السيد معترف أن ما يستحقه من مال العبد فيه دين، وهو مقدار ما أخذ منهما.
ورأى محمد أن سيد العبد بالخيار بين أن يسلم خدمته إليهما، كما قال سحنون، وبين أن يتمسك بها ويدفع إليهما قيمة هذه المنافع وقتًا بعد وقت، بحسب ما يرى في ذلك من مقتضى الاجتهاد، وبهذا قال عبد الملك بن الماجشون.
ومنشأ هذا الاختلاف: النظر إلى تقابل الحقوق، فمن حق السيد أن يتمسك بالعبد أو الأمة ليأمن عليهما ويدفع القيمة إلى الشاهدين، ومن حق الشاهدين أم يقولا: نحن غرمنا قيمة المنافع في قيمة الرقبة فكأنها اشتريناها منه، فنحن أحق بعين المنافع.
وإن كانت الشهادة بأن دبر عبده فقضي عليه بذلك ثم رجعا، فإنهما يغرمان قيمته ناجزًا ويقال لهما: ادخلا فيما أدخلتماه فيه فاقبضا من الخدمة التي أبقيتما بيده من رقة ما وديتما، ثم ترجع خدمته لسيده. ثم حكمهما في موته في مدة حياة السيد أبو بعدها، ولم يستوفيا ما غرم حكمهما في المعتق إلى أجل، فإن خرج بعد موت السيد حرًا فلا شيء لهما، وإن رق منه شيء فهما أولى به حتى يستوفيا منه، وإن رده دين فهما أولى من صاحب الدين، وهما كأهل الجناية.
وإن كانت الشهادة بالكتابة وقضى بها ثم رجعا فليؤديا قيمته ناجزة أيضًا.
قال محمد: قيمته يوم الحكم، ثم يتأديانها من الكتابة على النجوم حتى يستوفيا، ثم يتأدى السيد ما بقي منها، ولو رق بعجزه قبل أن يستوفيها لبيع لهما منه بتمام ما بقي لهما، فإن لم يبلغ ما بقي فلا شيء لهما. قال محمد: هذا قول عبد الملك. وروي عن ابن القاسم أنهما يغرمان القيمة فتوضع بيد عدل ويتأدى السيد الكتابة، فإن استوفى من الكتابة مثلها رجعت إلى الشاهدين، وإن كانت الكتابة أقل أو مات المكاتب قبل الاستيفاء دفع للسيد من تلك القيمة تمام قيمة عبده.
قال محمد: ويقول عبد الملك: أقول وعليه أصحاب مالك، لأن السيد في قول ابن القاسم مظلوم، قد منع منه عبده، وما كان له فيه من التصرف، ولم تدفع له القيمة، ولإراحة الشاهدين، أيضًا، في إيقافها، إذ لعلها تنوي فيغرمانها ثانية. قال: ولو استحسنت قول ابن القاسم لقلت:فكلما قبض السيد من الكتابة شيئا رد مثله من القيمة الموقوفة إلى الشاهدين، ولم أوقفها كلها إلى انقضاء الكتابة كما في ظاهر قوله.
وقال سحنون: إذا رجعا بيعت الكتابة بعرض، فإن كان فيها وفاء بقيمة العبد أو أكثر فللسيد، وإن كان أقل رجع عليهما بتمام القيمة، والقول الأول أكثر.
وإن كانت الشهادة أنه استولد أمته فحكم بذلك ثم رجعا، فعليهما قيمتها للسيد، لما قدمناه من التعليل، ولا شيء لهما إذ لم يبق فيها خدمة يرجعان فيها بما يغرمانه إلى أن تجرح أو تقتل فيؤخذ لذلك أرض فلهما الرجوع فيه بما غرماه، وما فضل للسيد. قال سحنون: وكذلك إن أفادت مالاً فليرجعا فيه بما وديا.
وقال محمد: لا يرجعان فيما تفيد من مال بعمل أو بهبة أو بغير ذلك، بل ذلك للسيد مع ما أخذ.
وقال محمد بن عبد الحكم: عليهما قيمتها، ويخفف عنهما لما بقي له فيها من الاستمتاع. وكذلك إن كانت حاملاً غرما قيمتها على التخفيف. ولو كان لها ولد وكانت شهادتهما أنه أقر أنها ولدته منه فألحق به، ثم رجعا فعليهما له قيمته.
قال الشيخ أبو محمد: وروي عن بعض مشائخنا: أنه لا شيء عليهما إذا رجعا بشهادتهما عن استيلاد الأمة، قال: وهي رواية ما أدري ما حقيقتها، ولا أرى ذلك.
وإن كانت الشهادة أنه أعتق أم ولده فقال محمد: قال عبد الملك، وأخبرنا أصحابنا مثله عن أشهب: إنه لا شيء على الشاهدين لأنه لم يبق له فيها غير الوطء ولا قيمة له.
وقال ابن القاسم: على الشاهدين قيمتها للسيد كما لو قتلها رجل، قال محمد: والقول الأول أقوى وأصح.
وقال محمد بن عبد الحكم: يغرمان له قيمتها ويخفف عنهما من ذلك بقدر ما كان بقي له فيها من الرق.

.الطرف الخامس في النسب، والولاء، وإرقاق الحر:

أما النسب: فمن ادعى أنه ابن رجل، والرجل ينفيه، فأقام بينة أن الأب أقر به أنه ابنه فحكم بذلك، ثم رجعا وأقرا بالزور بقرب ذلك، ولم يمت الأب، فلا شيء عليهما في تثبيت النسب قبل أن يؤخذ بشهادتهما المال بالميراث، بأن يموت الملحق به فيرث المقضي له وتمنع العصبة، فحينئذ يغرمان للعصبة ما أتلفا عليهم. وإن كان المشهود ببنوته عبدًا لرجل فقضي بإلحاق نسبه وحريته، ثم رجعا والسيد صحيح البدن، فالحكم بالنسب ماض، وعليهما للسيد قيمة العبد، فإن مات الأب بعد ذلك وترك ولدًا آخر غير المستلحق فليقسمان تركته، إلا قدر قيمة المستلحق التي أخذ الأب من الشاهدين فإنها تعزل من التركة فتكون للابن الأول خاصة، لأن المستلحق مقر أن أباه ظلم فيها الشهود، وأنه لا ميراث له فيها، وينظر إلى ما حصل للمستلحق من الميراث من غير القيمة فيغرم الشاهدان مثله للابن الأول بما أتلفاه عليه.
قال محمد: وإنما جعلنا القيمة للابن الأول، لأنا لو قسمناه بينهما لرجع الشاهدان على المستلحق فيما أخذ منهما فأخذاه منه، لأنه مقر بأنه لا رجوع لأبيه عليهما لصحة نسبه عنده، فإذا أخذا ذلك منه قام عليهما الابن الأول فأخذه منهما، لأنه يقول: لو بقي ذلك بيد المستلحق لوجوب لي عليكما الرجوع بمثله لأن عليهما أن تغرما كل ما أخذ من التركة. قال: ولو طرأ على الميت بعد ذلك دين مائة دينار لرجل، فإنه يأخذ من كل واحد من الولدين نصفها، فإن عجز عن ذلك تم قضاء الدين من تلك القيمة التي انفرد بها الأول ورجع الشاهدان عليه فأغرماه مثل الذي غرمه الملحق للغريم، لأنه أخذه منهما عوضًا عما أخذه الملحق من تركة أبيه، والآن فقد صرف في دين أبيه فلم يتلفا عليه شيئا بشهادتهما.
وقال: ولو لم يكن للميت غير المستلحق وحده، وقد ترك مائتي دينار، مائة من كسبه ومائة أخذها من الشاهدين في قيمة المستلحق، فالمائة الواحدة له فقط والمائة الأخرى للعصبة فإن لم يكونوا فلبيت المال ويغرم الشاهدان مائة أخرى للعصبة أو لبيت المال لأنهما لولا شهادتهما أخذ العصبة مائتين. فإن طرأ على الميت دين مائة دينا أخذها من الملحق وحده، ورجع الشاهدان فأخذا المائة التي وديا للعصبة أو لبيت المال بعد موت الميت.
وأما المواريث: فمن ترك مائة دينار فورثها مولاه، ثم قدم رجل فأثبت أنه ابن عمه فنزعها من المولى، ثم قدم آخر فأثبت أنه أخو الميت، فأخذها من يد ابن العم، ثم قدم آخر فأثبت أنه ابن الميت فانتزعها من يد الأخ، ثم رجع جميع الشهود، فعلى شهود الابن غرمها للأخ لأنهم أتلفوها عليه، وكذلك على شهود الأخ غرمها لابن العم وعلى شهود ابن العم غرمها للمولى.
وأما الولاء: فإذا شهد شاهدان أن فلانًا مولي فلان، والمشهود عليه ينكر، فقضي بالولاء، ثم رجعا وأقرا بالزور، فلا شيء عليهما إلا أن يموت ويترك مالاً ولا يرثه غير ذلك المولي المحكوم له، فإنهما يغرمان لمن أتلفا ذلك عليه حتى صار لهذا إن أقرا أنهما انتزعا ولاءه من الذي نازع الآخر فلي الولاء إن كان أحد نازعه. وأما إن لم يعرف فيه منازع فيوقف ما يضمنانه حتى يثبت مستحق وإنما يضمنان تركته التي مات عنها، كانت أكثر مما كان معه يوم الحكم أو أقل.
وأما إرقاق الحر: فقال محمد بن عبد الحكم: إذا شهدا على رجل أنه عبد لفلان وهو يدعي الحرية فقضي عليه بالرق، ثم رجعا، فلا قيمة عليهما في الرقبة، ولكنهما يلزمان للعبد كل ما استعمله سيد، وكل خراج أدى إليه من عمله وإن كان له مال فانتزعه، فهذا كله يلزم الشهود للعبد. ثم ليس لمن قضى له بملكه أن يأخذ ذلك منه، لأنه إنما هو عوض مما أخذ منه. ولو مات المشهود له وذلك في يده لم يأخذه السيد بل يوقف حتى يستحق ذلك مستحق يرثه بالحرية. ولو أعتق منه العبد قبل موته عبدًا لجاز عتقه وكان ولاؤه بعد لمن كان يرث عنه الولاء لو كان حرًا، ويرث العبد إن مات ومعتقه حي. وإن أوصى منه العبد كان ذلك في الثلث منه، وإن وهب منه أو تصدق جاز ذلك، ويرث باقيه ورثته وإن كان له من يرثه لو كان حرًا، وليس للعبد أن يتزوج منه لأن النكاح ينقص رقبته.

.الطرف السادس: في المال:

وقد تقدم ما يعرف منه حكم الرجوع فيه على الجملة، غير أن المقصود ههنا ذكر فروع.
الفرع الأول: في رجوع الشهود عن بعض الشهادة.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا شهد شاهدان لزيد وعمرو بمائة دينار فأخذاها كل واحد خمسين، ثم رجعا وقالا: المائة كلها لزيد، واعترفا بالكذب في اشتراك عمرو معه فيها، فإنهما يغرمان خمسين للمشهود عليه، لأنهما أقر أنهما أخرجاه من يده إلى ما لا حق له فيها، ولا تقبل شهادتهما للآخر أن المائة كلها له، ولا يغرمانها له، لا،هما إنما أخذا خمسين من مال المشهود عليه دفعاها لمن لا شيء له عليه، وإن كان لزيد عنده خمسون أخرى فقد بقيت على من هي عليه. قال: ولو كان المشهود به ههنا عبدًا معيناً، شهدا بأنه لزيد وعمرو، ثم رجعا بعد أن قضي بذلك فقالا: إنما العبد كله لزيد، فإنهما يغرمان نصف قيمة العبد لزبد إن كان الذي أخرج العبد بالشهادة من يده يصدقهما في أن جميعه لزيد على حسب ما قالاه في رجوعهما، وإن كان ينكر الشهادتين ويقول: كله لي، فغرامة النصف المذكور يقضي بها للمشهود عليه.
الفرع الثاني:
في رجوع بعضهم عن الشهادة، أو عن بعضها. قال ابن القاسم وعبد الملك وابن عبد الحكم وأصبغ، في شاهدين قضي بشهادتهما في حق، ثم رجع أحدهما: فإنه يغرم نصف الحق. قال محمد: ولو رجع أحدهما عن نصف ما شهد به لغرم ربع الحق، وإن رجع عن الثلث غرم لسدس. ولو رجعا جميعًا كان الحق عليهما نصفين. فإن اختلف رجوعهما لزم كل واحد غرم نصف ما رجع عنه، لأنه هو الذي أتلف.
الفرع الثالث:
في رجوع بعضهم مع ثبات من يستقل بهم الحق. وإذا كانت البينة ثلاثة فقضي بها ثم رجع أحدهم، فقال محمد: لا يغرم شيئا لاستقلال الحق بمن بقي، فإن رجع ثان غرما نصف الحق.
وقال محمد بن عبد الحكم: بل يغرم الراجع أولاً ثلث الحق. ثم حكى عن أشهب أنه قال: لو شهد أربعة بدراهم، ثم رجع منهم ثلاثة لغرموا ثلاثة أرباع الدراهم.
وقال محمد في ثلاثة شهدوا بثلاثين دينار فقضي بها، ثم رجع أحدهم عن الثلثين، ورجع آخر عن عشرين منها، ورجع ثالث عن عشرة منها: فعشرة على الجميع غرمها أثلاثًا، وعشرة لا يغرم أحد منها شيئا لاستقلال ثبوتها بشاهدين، وهذا على القول الأول بأن الراجح لا يغرم إذا بقي ممن شهد معه من يثبت معها لحق، وتبقى عشرة على الأولين منها خمسة بينهما نصفين، ولا شيء على الثالث منها.
الفرع الرابع:
في رجوع بعض البينة المشتملة على جنسي الرجال والنساء، وكيفية توزيع الغرامة.
وإذا حكم لرجل ونساء، ثم رجع الجميع، فعلى الرجل نصف الحق، وعلى جماعة النساء نصفه بينهن بالسوية، ولو رجعن وحدهن لكان عليهن النصف. ولو كن عشرًا فرجع منهن واحدة إلى ثمان فلا شيء عليهن، فإن رجع منهن تسع، أو رجع ثمان ثم رجعت واحدة بعدهن، فعلى التسع ربع المال بينهم بالسوية، لأنه بقي من أحيى ثلاثة أرباع الحق، وذلك في كل ما تجوز فيه شهادتهن مع الرجال.
فأما ما ينفردن به ويقبلن فيه منفردات عن الرجال، فكل امرأة منهن كرجل، فلو شهد رجل وعشر نسوة على رضاع، ثم رجع الكل بعد الحكم، فعلى الرجل سدس ما يجب من الغرامة عما أتلفت الشهادة، وعلى كل امرأة نصف سدس إذ لا يتوقف الشرط على الرجل. لو رجع الكل إلا امرأتين لم يجب غرم على القول باعتبار ثبات من يستقل به الحق. ولو رجع الكل إلا واحدة وزع نصف الحق على جميع من رجع.
الفرع الخامس: في طلب المشهود عليه من الشهود ألزم غرمه بشهادتهما قبل أن يغرمه. قال في كتاب محمد: إذا حكم بشهادتهما ثم رجعا، فهرب المقضي عليه قبل الأداء، فطلب المقضي له أن يأخذ الشاهدين بما كانت يغرمان لغريمه لو غرم له، قال: لا يلزمهما غرم حتى يغرم المقضي عليه فيغرمان له حينئذ، وإن أقر بتعمد الزور.
وقال محمد بن عبد الحكم: للمقضي عليه أن يطلب الشاهدين بالمال حتى يدفعاه عنه إلى المقضي له، ثم قال: وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: لا يحكم على الشاهدين حتى يؤدي المقضي عليه، وفي هذا تعرض لبيع داره وإتلاف ماله واللذان أوجبا عليه ذلك قيام، أرأيت لو حبسه القاضي في ذلك أيترك محبوسًا ولا يغرم الشاهدان بل يؤخذان بذلك حتى يخلصاه، فإن لم يفعلا حبسا معه، ولو شهد عليه بمائة دينار فحكم عليه بها وضرب له الإمام فيها أجلا عشرة أيام أو أكثر أو أقل، ثم رجعا قبل تمام الأجل، فإنهما يغرمان ذلك الآن للمقتضي له ويبرئ المطلوب.

.خاتمة الكتاب: بذكر اطلاع القاضي بعد الحكم على خلل في الشهود.

وإذا حكم بشهادة اثنين ثم ظهر أن أحدهما عبد أو ذمي أو مولى عليه، فعلى المقضي له بالمال رده على المحكوم عليه، إلا أن يحلف مع الشاهد الباقي فيتم له ما أخذ، فإن نكل حلف المحكوم علين، إن شاء، وأخذ ماله، فإن نكل فلا شيء له. قال سحنون: والحكم ههنا ينتقض، بخلاف رجوع البينة، وبخلاف أن يظهر أن أحدهم مسخوط، وبهذا قال أشهب. قال محمد: ولا أعلم إلا وقد قاله لي عبد الملك.
وقال ابن القاسم: ينقض الحكم كما لو كان عبدًا أو ذميًا. وذكر الشيخ أبو محمد اختلافاً في قبول شهادة المولى عليه لسوء نظره في المال لا لجرحة فيه.
قال سحنون: وإن كان الحكم في قصاص في قتل أو قطع يد، فإن حلف المقضي له بالقصاص في اليد مع شاهده الباقي، أو حلف المقضي له بالقتل مع رجل من عصبته خمسين يمينًا قسامة تم له الحكم الأول، وإن نكل عن القصاص في اليد، ولم يعلم بأن شاهده عبد لظاهر حريته، فليحلف المقتص منه في اليد أن ما شهد عليه به باطل. وإذا نكل المقضي له بالقتل عن القسامة، فالنكول في مثل هذا ترد به الشهادة وينقض به الحكم.
ثم قال بعض أصحابنا: لا ضمان على الحاكم وهو لم يخطئ، وقد اجتهد وفعل ما عليه من العمل على ما ظهر إليه ولا ضمان على المحكوم له بالقصاص لأنه لم يأخذ ثمنًا فيرده، وغرم ذلك على الشاهدين إن كانا جهلاً رد شهادتهما عنه بأن أحدهما عبد أو ذمي.
وقال بعضهم: إن ذلك على عاقلة الإمام. وقيل: إن ذلك هدر، لا على الإمام ولا على البينة ولا على المحكوم له، وإنما خطأ الإمام الذي يكون على عاقلته ما جاوز ثلث الدية منه ما يخطئ به في نفس الحكم، مثل أن يقتل أو يقص من لا يجب ذلك عليه، أو يجيز شهادة العبد والذمي والمولى عليه، وهو يرى أن ذلك يجوز، أو يقطع من سرق من غير حرز، أو من سرق ثمرًا أو كثرًا. وأما يظهر له ما لم يعلمه، وما بالغ فيه في الإعذار والاجتهاد، فهذا الذي عليه. وكذلك لو حكم بالرجم في الزنى، ثم ظهر أن أحد الشهود عبد أو ذمي أو مولى عليه، فالحكم زائل، كأنه لم يكن، ويجلدون للقذف.
وقال بعض أصحابنا: الغرم على الحاكم إن كان الشهود لم يعلموا أن الذين شهدوا معهم كما ظهر من أمرهم، وإن كانوا يعلمون ذلك فعليهم الغرم.
وقال بعضهم: لا شيء عليهم ولا على الحاكم، جهلوا من معهم، أو كانوا عرفوا بهم وجهلوا أن شهادتهم لا تجوز، فأما لو علموا بهم وعلموا أنهم لا تجوز شهادتهم فهم ضامنون للدية.

.كتاب الدعوى والبينات ومجامع الخصومات:

وهي تدور على خمسة أركان:
الدعوى، والجواب، واليمين، والنكول، والبينة.

.(الركن) الأول: الدعوى:

وفيه مسائل:

.(المسألة) الأولى: من يحتاج إلى الدعوى:

ومن غضب منه شيء وقدر على استرداده مع الأمن من تحريك فتنة أو سوء عاقبة بأن يعد سارقًا أو نحو ذلك، جاز له أخذه ولم يلزمه الرفع إلى الحاكم. فأما إن كان حقه عقوبة فلابد من الحاكم.
ولو كان حقه ديناً، ومن هو عليه ممتنع من أدائه، وحصل له في يد صاحب الحق شيء من جنس ما عليه أو غير جنسه، فقد اختلفت الرواية في ذلك، فروي أن له مقدار دينه من الجنس إن كان الغريم غير مديان، أو مقدار ما يخصه لو حاصص بدينه، إن كان مديانًا. وروي أنه ليس له ذلك من الجنس ولا غيره، على أي تقدير كان. وروي: له ذلك وإن كان غير جنس حقه، يتحرى قيمته ويأخذ مقدار ما يستحق، حكاها القاضيان أبو الحسن وأبو بكر، واختاراها، واستدل عليها القاضي أبو الحسن بقصة هند.
ولو جحد من عليه الحق، وله على المستحق مثله، والحقان حالان. لجاز له أن يجحد على الرواية الأولى والأخيرة ويحصل التقاص.

.(المسألة) الثانية: في حد المدعي.

وهو متى تجردت دعواه عن أمر يصدقه، أو كان أضعف المتداعين أمرًا في الدلالة على الصدق، أو اقترن بها ما يوهنها عادة، وذلك كالخارج عن معهود، والمخالف لأصل، وشبه ذلك. ومن ترجح جانبه بشيء من ذلك فهو المدعى عليه.
فإذا ادعى أحدهما ما يخالف العرف، وادعى الآخر ما يوافقه، فالأول المدعي. وكذلك كل من ادعى وفاء ما عليه أو رد ما عنده من غير أمر يصدق دعواه، فإنه مدع، إلا المودع إذا ادعى رد الوديعة فإنه يصدق لترجح جانبه بالاعتراف له بالأمانة. فإن أشهد عليه فهل هو باق على ائتمانه أم لا؟ فيه خلاف ينبني عليه الخلاف المتقدم في كتاب الوديعة.
ثم الدعوى المسموعة هي الدعوى الصحيحة، وهي أن تكون معلومة محققة، فلو قال: له عليه شيء، لم تسمع دعواه. وكذلك لو قال: أظن أن لي عليك شيء. أو قال: لك علي كذا وأظن أني قضيته، لم تسمع.

.(المسألة) الثالثة: من قامت عليه البينة فليس له أن يحلف المدعي:

ما لم يقدم الدعوى الصحيحة ببيع أو إبراء.

.(المسألة) الرابعة: (إمهال المدعى عليه):

إذا قال من قامت عليه البينة: أمهلوني فلي بينة دافعة، أمهل، ما لم يبعد فيقضي عليه، ويبقى على حجته إذا أحضرها. ولو قال: أبرأني فحلفوه، فليحلف قبل أن يستوفي. ولو قال: أبرأني موكلك الغائب، فقال ابن كنانة: يحلف الوكيل أنه ما علم أنه أبرأه ويقبض الدين ولا ينظره، إلا أن يكون الطالب قريبًا على مثل اليومين فيكتب إليه ويحلفه.
وقال ابن القاسم: لا يحلف الوكيل، وينظر حتى يجامع صاحبه.

.(المسألة) الخامسة: (مدعي الزواج):

إذا ادعى في النكاح أنه تزوجها تزوجًا صحيحًا سمعت دعواه ولا يشترط أن يقول بولي ويرضاها، بل لو أطلق سمع أيضًا. وكذلك في البيع، بل لو قال: هي زوجتي لكفاه الإطلاق.
السادس: المسترق إذا ادعى أنه حر الأصل صدق مع يمينه، إلا أن يكون بيد من هو له حائز حوز الملك. وإن ادعى الإعتاق فعليه البينة. والصغير المعرب عن نفسه يدعي الحرية، فإن تقدمت لمن هو في يده فيه حيازة وخدمة لم يصدق في دعوى الحرية، وإن كان متعلقًا به لا يعلم له فيه قبل ذلك حيازة ولا خدمة صدق في دعوى الحرية.

.الركن الثاني: جواب المدعى عليه.

وهو إقرار أو إنكار، فإن قال: لا أقر ولا أنكر، ولكن يقيم البينة على دعواه، أو قال للحاكم: لا أحاكمه إليه، أجبره على أن يقر أو ينكر، فإن أبى حبسه حتى يقر أو ينكر، رواه أشهب.
وقال أصبغ: يقول له القاضي: إما أن تحاكم، وإما أحلفت هذا المدعي وحكمت له عليك.
هذا إذا كانت الدعوى مشبهة وكانت تستحق باليمين مع النكول، لأن نكوله عن الكلام نكول عن اليمين. وإن كانت الدعوى فيما لا يثبت إلا بالنية دعا خصمه بها وحكم عليه أن تمادى على ترك الكلام.
وقال محمد: أحكم عليه بغير يمين من المدعي.
وقال أبو الحسن اللخمي: المدعي بالخيار بين ثلاث: إما أن يأخذ المدعي به بغير يمين، على أنه متى عاد إلى الإنكار كان ذلك له.
وإما أن يحلف الآن، ويحكم له به ملكًا، بعد أن يعلم المدعى عليه أنه إن لم يقر أو ينكر حكم عليه كما يحكم على الناكل، ولا ينقض له الحكم بعد إن أتى بحجة إلا أن يأتي ببينة لم يكن علم بها.
وإما أن يسجن له حتى يقر أو ينكر لأنه يقول: هو يعرف حقي، فإذا سجن أقر واستغنيت عن اليمين.
فروع:
الفرع الأول: قال محمد: من ادعي عليه بستين دينارًا فأقر بخمسين وتأبى في العشرة أن يقر أو ينكر، فإنه يجبر بالحبس حتى يقر بها أو ينكر إذا طلب ذلك المدعي، فإن أصر على الامتناع والتمادي عليه حكم عليه بغير يمين. قال محمد: لأن كل مدعى عليه لا يدفع الدعوى فإنه يحكم عليه بغير يمين. قال: وكذلك المدعى عليه بدور في يده لا يقر ولا ينكر، فإذا أجبر على ذلك فتمادى حكم عليه للمدعي بلا يمين.
الفرع الثاني: لو قال المطلوب: تقدمت بيني وبين الطالب مخالطة فمن أي وجه يدعي هذا؟ لزم أن يسأل عن ذلك الطالب، فإن بين وجه طلبه وقف على ذلك المطلوب، وألزم ما يدعيه، إذ لعله بذكر السبب يجد مخرجًا، وإن امتنع عن ذكر السبب من غير أن يدعي نسيانًا لم يسأل المطلوب عن شيء.
الفرع الثالث:
لو ذكر السبب فقال المطلوب: أنا أحلف أنه لا شيء عندي من هذا السبب، فقال أشهب: لا يجزيه بحال حتى يقول: ولا أعلم له شيئا بوجه من الوجوه، ونحوه في كتاب ابن سحنون.
قال القاضي أبو الوليد وكان الظاهر أن يجزيه يمينه أن لا شيء له عنده من جهة مطلبه، لا، الطالب لم يطلبه بغير ذلك.
وفي الركن مسائل:
الأولى: لو قال: لي عليك عشرة، فقال: لا تلزمني العشرة، لم يكلف اليمين مطلقًا، بل يحلف أنه ليس عليه عشرة ولا شيء منها.
الثانية: لو قال: لي عليك عشرة، فقال: لا تلزمني العشرة، لم يكلف اليمين مطلقًا، بل يحلف أنه ليس عليه عشرة ولا شيء منها.
الثانية: إذا ادعى سلفًا أو بيعًا لم يجزيه من الجواب أن يقول: لا حق لك عندي حتى يقول: لم تسلفني ما تدعيه، أو لم تبع مني شيئا مما ذكرت، رواه ابن سحنون عن أبيه.
وقال: هو مقتضى قول مالك. قال: وكان ربما قبل منه: ما له علي حق. وإلى القول الأول رجع أخيرًا مالك.
الثالثة: إذا ادعى عليه ملكًا، فقال: ليس لي، إنما هو وقف على الفقراء أو على ولدي، أو هو ملك لطفل، لم يمنع ذلك من إقامة البينة للمدعي ما لم يثبت ما ذكر فتقف المخاصمة على حضور من تثبت له عليه الولاية، ولو قال: ليس هو لي، أو هو لمن لا أسميه، فأولى ألا يمنع من تمام المحاكمة. ولو قال: لفلان، وهو حاضر، فحضر، فللمدعي أن يحلف المقر له، فإن نكل حلف المدعي وأخذ المدعى به. وإن حلف المقر له فللمدعي أن يحلف المقر لأنه أتلفه عليه بإقراره، فإن نكل حلف المدعي وأخذ قيمة المقر به من المقر. ولو أضاف إلى غائب، فإن أثبت ذلك بينة انصرفت الخصومة عنه إلى الغائب، وإن لم يثبت ذلك لم يصدق وحلف، فإن رجع المدعي به إلى المدعي بغير يمين، فإن جاء المقر له فصدق المقر أخذه، لأن من هو في يده يتهم أن يكون أراد صرف الخصومة عن نفسه.
الرابعة: إذا خرج المبيع مستحقًا فله الرجوع على البائع بالثمن، فإن صرح في نزاع المدعي بأنه كان ملك البائع لم يرجع عليه لأن الغاصب ظلم البائع.
الخامسة: جواب دعوى القصاص على البعد يطلب من العبد، ودعوى الأرض يطلب جوابها من السيد.
السادسة: إذا ادعى ولم يحلف، فقال: لي بينة قريبة فاطلبوا منه كفيلاً، أخذ منه كفيل بنفسه ما بينه وبين خمسة أيام إلى الجمعة، كذلك إذا قامت البينة، فله طلب الكفيل قبل التعديل. ولو ادعى عليه خلطة وادعى بينة قريبة على اللطخ كاليوم ونحوه وكل بالمطلوب، وقال سحنون: يؤخذ منه كفيل.

.الركن الثالث: اليمين والنظر في الحلف، والمحلوف عليه، والحالف، والحكم:

أما الحلف، فهو: بالله الذي لا إله إلا هو، لا يزاد على ذلك في شيء من الحقوق ولا تغليظ بالألفاظ.
وفي كتاب ابن سحنون من رواية ابن كنانة: يحلفون فيما يبلغ من الحقوق ربع دينار، وفي القسامة واللعان عند المنبر: بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم. وحكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: أن الإيمان في الحقوق والدماء واللعان وفي كل ما فيه اليمين على المسلمين، بالله الذي لا إله إلا هو.
قال القاضي أبو الوليد: وهذا هو المشهور من مذهب مالك، وبه قال ابن القاسم، ورواه عن مالك في المدونة. قال ابن القاسم: ولا يزاد على الكتابي: الذي أنزل التوراة والإنجيل، ولا يحلفون إلا بالله.
وروى الواقدي عن مالك: أن اليهود يحلف بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ويحلف النصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عسى، ويحلف الكافر حيث يعظم من كنيسته أو بيت ناره. قال ابن حبيب عن مالك: إن الكافر يحلف بالله الذي لا إله إلا هو.
وتغلظ اليمين بالمكان في الأموال وغيرها من الحقوق على الطالب والمطلوب. واختلف في التغليظ بالزمان، ففي كتاب ابن سحنون من رواية ابن كنانة: يتحرى بأيمانهم في المال العظيم وفي الدماء واللعان الساعات التي يحضر الناس فيها المساجد ويجتمعون للصلاة، وما سوى ذلك من مال وحق ففي كل حين. وروى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: لا يحلف حين الصلاة إلا في الدماء واللعان، وأما في الحقوق ففي أي وقت حضر الإمام استحلفه، وقاله ابن القاسم وأصبغ.
وتخرج المخدرة فيما له بال من الحقوق إلى المسجد وتحلف فيه، والتي لا تخرج نهاراً فلتخرج ليلاً، وتحلف في اليسير في بيتها إن لم تكن ممن تخرج ويبعث إليها من يحلفها، ويجزي رجل واحد. وأم الولد مثل ذلك فيمن تخرج أو لا تخرج.
وقال محمد بن عبد الحكم: والإماء في ذلك كالحرائر أمهات الأولاد وغيرهن. قال: فإن احتاج الحاكم أن يحلف امرأة في بيتها من علة أرسل إليها رجلين عدلين أحب إلي ممن يعرفها. قال: وإن أرسل واحدًا أجزأ ذلك إن شاء الله. والعبد ومن فيه بقية رق كالحر في الأيمان.
ويحلف الحالف قائمًا مستقبل القبلة، روى ذلك ابن الماجشون. وحكى ابن حبيب أن ذلك يختص بالحلف في المساجد، وأما في غيرها فيكونون قعوداً. وحكى ابن عبدوس عن أشهب أن القيام في الأيمان إنما هو في اللعان والقسامة دون سائر الحقوق.
قال ابن القاسم: ولا يعرف ملك اليمين عند المنبر إلا في منبر الرسول صلى الله عليه وسلم في ربع دينار فأكثر. قال مالك: ومن أبى أن يحلف عند المنبر فهو كالناكل عن اليمين.

.فرعان في صفة اليمين:

.الفرع الأول:

قال في الكتاب: وشرط اليمين أن تطابق الإنكار.
وقال محمد بن عبد الحكم: إذا شهد الشاهد بإقرار المدعى عليه لم يكن للطالب أن يحلف أن عليه كذا، ولا أنه عصب كذا، ولكن يحلف بالله لقد أقر له فلان بكذا.
وقال: فإن كان المدعى عليه غائبًا زاد في يمينه: إن حقه عليه لباق ولا عنده به رهن ولا وثيقة، ثم يقضي له بذلك. وإن كان ميتًا زاد، بعد قوله: ما عنده به رهن ولا وثيقة: ولا أبرأه منه، لا من شيء منه، ولا أحال به ولا شيء منه أحدًا، ولا أحتال به ولا بشيء منه على أحد وإنه عليه لثابت إلى يومه هذا، ثم يقضي له به. قال: وإن كان صاحب الحق قد مات أحلف من بلغ من ورثته على مثل ذلك مما كان هو يحلف عليه، إلا أنهم يحلفون على العلم، وليس على من لم يبلغ يمين، ويقضي لهم جميعًا بالحق.

.الفرع الثاني:

لو جحد البائع قبض الثمن وادعى به على المبتاع فأنكره وأراد أن يحلف: ما له عنده شيء، لم ينفعه حتى يحلف ما اشترى منه سلعة كذا، وبه قال مطرف.
وقال ابن الماجشون: إذا حلف: ما له عليه شيء من كل ما يدعيه. فقد برئ، واختاره ابن حبيب. وروي عن ابن القاسم القولان.
وقال ابن حارث: قال أحمد بن زياد: قلت لمحمد بن إبراهيم بن عبدوس: إذا أسلف الرجل الرجل مالاً فقضاه إياه بعد ذلك بغير بينة وجحد القابض، فإن أراد أن يحلفه أنه ما أسلفه، وقال المسلف: بل أحلف ما له عندي شيء، وقال: لابد أن يحلف: ما أسلفه شيئا، قال: قلت له: فقد اضطررتموه إلى يمين كاذبة، أو إلى غرم ما لا يجب له عليه، قال: فقال: يحلف: ما أسلفه، فإن علم باطن أمره أنه قد قضاه عني في ضميره سلفًا يجب علي رده إليك في هذا الوقت، وبرئ من الإثم في ذلك.
وأما المحلوف عليه، فيحلف الحالف على البت في كل ما ينسبه إلى نفسه من نفي أو إثبات.
ويحلف على البت، أيضًا، في الإثبات المنسوب إلى غيره. وأما في النفي، فيكفي الخلف على نفي العلم، فيقول: لا أعلم على موروثي دينًا، ولا أعلم منه إتلافًا وبيعًا.
ويحلف من ادعى عليه: أنه دفع رديئًا في النقد، ما أعطاه إلا جيادًا في علمه. ولو قال: ما أعرف الجيد من الرديء، فقال بعض الأصحاب: يحلف: ما أعطيته رديئًا في علمي. وأما النقص، فإنما يحلف فيه على البت، على العلم.
ثم الحالف تحل له اليمين بظن غالب يحصل له من خط أبيه، أو خط نفسه، أو من يثق به، أو قرينه حال من نكول خصم، وغير ذلك، وقيل: لا يحلف إلا على ما يتيقنه. وذكر الإمام أبو عبد الله عن بعض أشياخه إضافة هذين القولين إلى مالك رضي الله عنه.
ثم النظر في اليمين إلى نية القاضي وعقيدته، فلا يصح تورية الحالف ولا ينفعه قول: إن شاء الله، بحيث لا يسمع القاضي. وأمال الحلاف، فهو كل ما توجهت عليه دعوى صحيحة مشبهة. والدعاوي على مراتب:
الأولى: وهي أعلاها، ما يشهد العرف بأنها مشبهة.
والثانية: ما شهد بأنها غير مشبهة، إلا أنه لم يقض بكذبها.
والثالثة: ما قضي بكذبها.
أما الأول: فمثل أن يدعي سلعة معينة بيد رجل، أو يدعي غريب وديعة عند خير، أو يدعي مسافر أنه أودع أحد رفقته، وكالمدعي على صانه منتصب للعمل أنه دفع إليه متاعًا يصنعه والمدعي على بعض أهل الأسواق والمنتصبين للبيع والشراء أنه باع منه أو اشترى وكالرجل يذكر في مرض موته أن له دينًا قبل رجل، ويوصي أن يتقاضى منه فينكره، وما أشبه هذه المسائل. وهذه الدعوى مسموعة من مدعيها، وله أن يقيم البينة على مطابقتها، أو يستحلف المدعى عليه، ولا يحتاج في استحلافه إلى إثبات خلطة.
وأما المرتبة الثانية: وهي التي تليها، فمثل أن يدعي الرجل على رجل دينًا في ذمته، ليس داخلاً في الصور المتقدمة. وهذه الدعوى أيضًا تسمع، ولمدعيها أن يقيم البينة على مطابقتها، فأما استحلاف المدعى عليه فليس له ذلك إلا بإثبات خلطة بينة وبينه.

.ثم النظر في الخلطة، في تفسيرها، وما تثبت به، ودليل اعتبارها.

.(النظر) الأول في تفسيرها:

وقد اختلف أصحابنا فيه، فروى أصبغ عن ابن القاسم أنه قال: هي أن يسالفه أو يبايعه ويشتري منه مرارًا، وإن تقابضا في ذلك الثمن والسلعة وتفاصلا قبل التفرق، وقاله أصبغ.
وقال سحنون: لا تكون الخلطة إلا بالبيع والشراء من الرجلين، يريد المتداعيين.
وقال الشيخ أبو بكر: معنى ذلك أن ينظر إلى دعوى المدعي، فإن كانت تشبه أن يدعي بمثلها على المدعى عليه أحلف له، وإن كانت مما لا تشبه وينفيها العرف لم يحلف، إلا أن يأتي المدعي بلطخ.
وقال القاضي أبو الحسن: ينظر إلى المتداعيين، فإن كان المدعى عليه يشبه أن يكون يعامل المدعي أحلف. ومنهم من قال: المسألة على ظاهرها، ولا يحلف إلا بثبوت الخلطة بينهما أو المعاملة.
فرع:
وإذا لم تكن خلطة، وكان المدعى عليه متهمًا، لم يستحلف.
وقال سحنون: يستحلف المتهم وإن لم تكن خلطة.

.(النظر الثاني: فيما تثبت به الخلطة):

وتثبت بإقرار الخصم بها، وبالشاهدين واليمين.
وقال ابن كنانة في المجموعة: تثبت بشهادة رجل واحد، وامرأة واحدة. وروى عيسى عن ابن القاسم في المدنية مثل ذلك وقال محمد: لا تثبت بالشاهد بغير يمين.
وفي تحليف من قامت عليه بينة فدفعها بعداوة قولان، المشهور منهما أنه لا يحلف.

.النظر الثالث: في دليل اعتبار الخلطة:

والدليل على لزوم اعتبار الخلطة، حيث قلنا بلزوم اعتبارها، النص والمعنى.
أما النص، فما روى سحنون عن ابن نافع عن حسين بن عبد لله عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر إذا كان بينهما خلطة وبإثباتها أخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه والفقهاء السبعة والقاسم بن محمد وعمر بن عبد العزيز وغيرهم.
وأما المعنى، فلما في ذلك من صيانة أهل الفضل والمنزلة عن البذلة وكف الأطراف عنهم.
فأما الحديث المنقول بدون الزيادة المذكورة في الحديث الذي استدللنا به، وإن كان هو الأشهر من حيث النقل، فإنه لم يرد لإرادة باين العموم والاستغراق لمن تجب عليه اليمين أو لخصوصه، وظهور هذا القصد فيه يمنع من التعلق بعمومه، إذ المعتمد في المفهوم من ألفاظ العموم وشبهها ما يظهر من قصد مطلقها، لا مجرد صيغة العموم، ولهذا المعنى قلنا في قوله صلى الله عليه وسلم: فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بنصح أو دالية نصف العشر: إن المقصود منه تمييز النوعين، وتخصيص كل واحد منهم بحكم، الاستغراق في مقتضى الصيغة ولذلك لم نعمم الحكم في الجنس ولا في القدر.
فإن قال قائل: إن هذا لا يمنع من التعلق به في الجملة، فلا يمكنه أن يجحد ضعفه لما ذكرناه، فإذا تنزلنا على صحة التعلق به مع ضعفه خصصناه بالمعنى الجلي في صيانة الأعراض كما تقدم. ثم الحديث الذي استدللنا به يقضي عليه، على جميع الأحوال، بالاتفاق، لتقييده وإطلاق هذا.
وأما المرتبة الثالثة: فمثالها أن يكون رجل حائزاً لدار يتصرف فيها مدة السنين الطويلة بالبناء والهدم والإجارة والعمارة، وينسبها إلى نفسه، ويضيفها إلى ملكه، وإنسان حاضر يراه ويشاهد أفعاله فيها طول هذه المدة، هو مع ذلك لا يعارضه ولا يذكر أن له فيها حقًا، ولا مانع يمنعه مطالبته من خوف سلطان، أو ما أشبه ذلك من الضرر المانع من المطالبة بالحقوق، ولا بينه وبين المتصرف في الدار قرابة ولا شركة في ميراث، وما أشبه ذلك مما يتسامح به القرابات والصهر بينهم في إضافة أخذهم أموال الشركة إلى نفسه، ولا منعته غيبة، بل كان عرياً عن ذلك أجمع، ثم جاء بعد طول هذه المدة يدعيها لنفسه ويزعم أنها له. ويريد أن يقيم بذلك، فدعواه غير مسموعة أصلاً، فضلاً عن بينته، وتبقى الدار بيد حائزها، لأن كل دعوى ينفيها العرف وتكذبها العادة مرفوضة غير مسموعة، قال الله تعالى: وأمر بالعرف وأوجبت الشريعة الرجوع إليه عند الاختلاف في الدعاوي كالنقد والحمولة والسير، وفي الأبنية ومعاقد القمط ووضع الجذوع على الحائط وغير ذلك، فكذلك في هذا الموضع، ولان ذلك خلاف العادات، لأن الناس لا يسكنون على ما يجري هذا المجرى من غير عذر.
فرع:
إذا اعتبرنا طول المدة، فقد اختلف في تحديدها، فحدها ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ بعشر سنين، واستدل لهم بما ذكره سعيد بن المسيب وزيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حاز شيئا عشر سنين فهو له».
وقال ابن القاسم أيضًا: إن التسع والثمان وما قارب العشر مثل العشر. ولم يؤقت مالك، ورأى أن ذلك على قدر ما ينزل ويجتهد فيه الإمام، فرب حائز يغتل ويخدم ويبني ولا يدع المالك ملكه ويتجافى عن هذا. قال: وما اغتل من ذلك أقصر مدة في الحيازة مما يحاز بالسكنى والحرث.
وقال مطرف بقول ابن القاسم.
وقال ابن الماجشون بقول مالك، وكان يرى من ورث عمن حاز أقوى من موروثه في الحيازة، إلا أن يأتي الطالب ببينة على إسكان أو إعمار أو مساقاة ونحوه فيكون أولى.
فرع:
كل دعوى لا يقبل في إثباتها إلا شاهدان فلا تجب فيها اليمين بمجرد الدعوى، ولا ترد على المدعى، ولا يجب فيها شيء، وذلك مثل القتل العمد والنكاح والطلاق والعتاق والنسب والولاء والرجعة وشبه ذلك.
وأما:

.حكم اليمين:

فهو انقطاع الخصومة في الحال لا براءة الذمة، بل للمدعي بعد ذلك أن يقيم البينة ويعتذر بأنه لم يعلم بأن له بينة، أو بأنها كانت غائبة. أما إذا كان علامً بها وهي حاضرة، ففي الحكم له بها روايتان، المشهورة منها: أنه ليس له أن يقيمها ولا تسمع بعد يمين المدعى عليه. قال القاضي أبو الحسن: وقد قال به مالك. قال. وهو الأجود والأصح. وبالأولى قال ابن القاسم، وبالثانية قال ابن وهب وأشهب.